انطلقت شرارة رحلتي في عالم الزراعة المائية عام 2014، حين أضاء تقريرٌ في مجلة "فوربس" عن شركة ناشئة واعدة في هذا المضمار، دروب اهتمامي. دفعني هذا الاكتشاف إلى الغوص عميقًا في الإمكانات العلمية الهائلة التي تتيحها هذه التقنية لزراعة محاصيل ذات قيمة اقتصادية عالية في قلب بيئتنا السعودية. وبحلول عام 2016، لفت انتباهي الارتفاع الملحوظ في سعر الخس الهولندي بالسوق المحلي، فكانت تلك اللحظة الفارقة التي حوّلت شغفي النظري إلى تجربة ميدانية حية.

ما بين عامي 2017 و2023، تحوّلت مزرعتي الشخصية إلى مختبرٍ حيٍّ ينبض بالابتكار؛ حيث نجحتُ في تطوير أنظمة زراعة متكاملة بدون تربة، معتمدةً على مواد سعودية المنشأ بنسبة تفوق 95%. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تمكنتُ من تقليص التكلفة الشهرية للأسمدة من 1,300 ريال إلى 250 ريال فقط، عبر ابتكار خلطات محلية فعالة. وامتد إبداعي ليشمل تصميم نظام دوران مياه فريد يعتمد على الجاذبية، مما أسهم في خفض استهلاك الطاقة بشكل كبير، بالإضافة إلى تصميم بيوت بلاستيكية مُكيفة خصيصًا لتحديات المناخ الصحراوي، لضمان استمرارية الإنتاج على مدار العام.

وفي عام 2021، توّجت هذه الحلول المبتكرة نجاحها العملي حين طُلِب مني تقييم أكبر مزرعة مائية في المنطقة. بفضل الله، قدّمتُ ما يزيد على 60 توصية استراتيجية، كان لها الفضل في إنقاذ المشروع من تحديات جمة. هذا الإنجاز لم يكن مجرد نجاح شخصي، بل كان الحافز الذي دفعني لتأسيس عمل استشاري يرتكز على مبدأ الشراكة الحقيقية، حيث يرتبط جزء من أتعابنا ارتباطًا وثيقًا بالنتائج الملموسة التي يحققها المشروع.

تتجسد رؤيتي اليوم في توطين التقنية الزراعية المتقدمة، وإيجاد فرص عمل نوعية لأبناء وبنات الوطن، والإسهام بفعالية في تعزيز منظومة الأمن الغذائي، بما ينسجم تمامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. كل ذلك من خلال أنظمة زراعية مبتكرة، تتميز بكفاءتها العالية في استهلاك المياه والطاقة، وقابليتها للتوسع والانتشار في مختلف مناطق مملكتنا الحبيبة.